وظيفة
المعلم :
إن
وظيفة المعلم لا تقف عند حشو الطلاب بالمعلومات فحسب ، بل يتجاوزها إلى تربية
شاملة تقوم على تصفية العقائد والسلوك ، مما ينافي الدين القويم ، فعلى المعلم
الناجح أن يجعل كلام طلابه وسلوكهم في الفصل مستمداً من الهدي النبوي الصحيح ، قال
الله تعالى :
{قُلْ
إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ
لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .
وسيرة
الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على أنه كان مربياً حكيماً ، ومعلماً ، ومرشداً ،
وناصحاً ، ورءوفاً ، ومحبوباً ، ومخلصاً .
فعلى
المعلم أن يتصف بهذه الأوصاف ، ولا سيما الإخلاص ، فعليه أن يخلص عمله لله ، ولا
ينظر إلى المال ، فـإن أعطي ولو قليلاً شكر ، وإن لم يعط صبر ، وسيرزقه الله تعالى
في الدنيا ، ويكتب له الأجر في الآخرة .
من
واجبات المعلم :
1- إلقاء
السلام : على المعلم إذا دخل الفصل أن يسلم فيقول : السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته ، وليعلم أن هذا السلوك الإسلامي العظيم يقوي أواصر المحبة والثقة بين
الطلاب بعضهم مع بعض ، وبين المعلم والطلاب ، ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : (أو لا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم)
ولا
يغني إن السلام كلمة " صلاح الخير أو مساء الخير" ، ولا بأس بها بعد
السلام مع تغيير لها كأن يقول " صبحك الله بالخير ، فتحمل معنى الدعاء ، ولا
بد عنا من التنبيه علـى شئ مُهم قد وقع فيه كثير من المعلمين - سامحهم الله -
تأثراً بالعادات والتقاليد ، وهو تمثل قياماً لمعلمهم زاعمين أن هذا من الأدب
المطلوب ، وأنه رمز لتوقير المعلم وتبجيله ، وقد أخطأوا ، فما يسمى خلاف الشرع
أدباً إلا في قاموس المعرضين عن شرع الله ، ذلك أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
( ما كان شخـص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانوا إذا رأوه لم
يقوموا له ، لما يعلمون من كراهيته لذلك) .
وقال
الرسول صلى الله عليه وسلم يحذر الناس من عادة القيام : (من أحب أن يتمثل له الناس
قياماً ، فليتبوأ مقعده من النار) .
ويجـوز
لصاحب البيت أن يقوم إلى استقبال ضيوفه ، أو يقوم إلى معانقة قادم من سفر ، لأن الصحابة
رضوان الله عليهم فعلوه ، وهو من إكرام الضيف ، والترحيب بالقادم .
ولا
عبرة بقول الشاعر :
قم
للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون
رسولا
لمخالفته
قول الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كره القيام له ، وهدد من أحبه بدخول النار ،
علماً بأن الاحترام لا يكون بالقيام ، بل يكون بالطاعة ، وامتثال الأمر ، وإلقاء
السلام والمصافحة ، وغيرها من الآداب .
2- من
واجب المعلم أن يعلم طلابه الاستعانة بالله ، ويعلمهم حديث ابن عباس رضي الله
عنهما ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت
فاستعن بالله).
3- إن
يحذر المعلم طلابه من الشرك : وهو صرف العبادة لغير الله : كدعاء الأنبياء
والصالحين وغيرهم ، عملاً بوصية لقمان لولده التي قال فيها :
{وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ
يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} .
4- على
المعلم أن يعلم طلابه الصلاة في المدرسة ، ويأخذهم إلى المسجد ليصلوا مع الجماعة ،
ويشرف عليهم بنفسه ليتعلموا آداب المسجد ، فيدخلوه بنظام وهدوء ، ويبدأ بتعليم
الطلاب الوضوء والصلاة منذ السابعة للبنت والصبي على السواء لقوله صلى الله عليه
وسلم : ( علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعاً ، وأضربوهم عليها إذا بلغوا عشراً
، وفرقوا بينهم في المضاجع) .
5- وعلى المربي أن يعلم طلابه التوكل على الله كما
قال موسى لقومه :
{وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم
بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} .
وقوله
صلى الله عليه وسلم : ( لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما ترزق الطير
تغدو خماصاً ، وتعود بطاناً) .
وأن
الأخذ بالأسباب واجب ، لقوله صلى الله عليه وسلم لصاحب الناقة : ( أعقلها وتوكل) .
6- على
المدرس كذلك أن يغرس روح التضحية والجهاد في سبيل الله ضد أعداء الإسلام من الكفرة
، واليهود ، والملحدين ، وأن يربط أذهان الطلاب بأمجاد سلفهم ، وغزوات نبيهم محمد
صلى الله عليه وسلم ، ويشحذ هممهم على التآسي بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
في إيمانهم وأخلاقهم .
7- ثم
إن عليه أن يقنع طلبته أن العرب قوم أعزهم الله بالإسلام ، فمهما ابتغوا العزة في
غيره أذلهم الله كما قال عمر رضي الله عنه .
فلا
نصر على الكفار إلا بالرجوع إلى تحكيم كتاب الله ، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه
وسلم في حياتنا وأمورنا كلها ، مع إعداد القوة من الأسلحة الحديثة ، والشباب
المسلم المدرب ، الذي يكون قد تربى على الرجولة وتشبع بالأيمان ، والتزم النهج
الصحيح ، والعقيدة السليمة .
وعليه
فيمكننا القول بأن المعلم في استطاعته إذا أخلص في عمله والتزم المنهج الإسلامي في
تربيته وتعليمه أن يبني جيلاً قوياً يمكنه دفع عدوان المعتدين ، وأن يحمل راية
التوحيد ليدك حصون الكفر والشرك ، ويحرر الإنسانية الحائرة ، فيرشدها إلى ربها
ويعرفها بخالقها ، ويخلصها من الظلم الذي تعيش فيه ، لذلك خاطب الله تعالى رسوله
محمداً صلى الله عليه وسلم - المعلم الأول والمربي الكبير بقوله :
{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ
النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ
الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}
.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه :
( إنما أنا رحمة مهداة) .
فعلى
المربي والمعلم أن يجعل قدوته ، وقدوة طلابه رسول رب العالمين إلى الناس أجمعين
لأن الله وصفه بقوله عز وجل :
{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ
}
8- على
المعلم أن يحذر طلابه من المبادئ الهدامة ، كالشيوعية الملحدة ، والماسونية
اليهودية ، والاشتراكية الماركسية ، والعلمانية الخالية من الدين ، والقومية التي
تفضل غير المسلم العربي على المسلم الأعجمي لقول الله تعالى :
{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن
يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
ويحذرهم من الديكتاتورية والديمقراطية التي
تحكم بغير شرع الله .
9- تحذير الطلبة من عقوق الوالدين ، ووجوب طاعتهما
في غير معصية الله ، لقول الله تعالى : {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ
وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا
أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا
قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل
رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق