المعلم
الناجح لا يلجأ إلى العقوبات المادية إلا قليلا ، وبقدر ما تقتضيه الضرورة ، فهو
دائماً يقدم المكافآت على العقوبات ، لأنها تشجع الطالب على التعليم وطلب المزيد
من التربية والتعليم ، بعكس العقوبات فإنها تترك أثراً سيئاً في نفس الطالب ، مما يحول بينه وبين الفهم
والعلم ، ويقتل في نفسه روح المثابرة والتقدم ، وكثيراً من الطلاب يتركون المدرسة
من أجل ما يرونه من بعض المعلمين من أنواع القوة والظلم ولقد اعتاد الطلاب أن
ينعتوا المعلم القاسي بالظالم . ولنبدأ بالمكافآت وأنواعها قبل العقوبات لأنها
الأصل ، وهي المقدمة دائماً .
1- الثناء الجميل :
على
المعلم الناجح أن يثني على الطالب إذا رأى منه أي بادرة حسنة في سلوكه ، أو في
اجتهاده ، فيقول للطالب الذي أحسن الجواب : أحسنت ، بارك الله فيك أو نِعم الطالب
فلان ، فمثل هذه الكلمات اللطيفة تشجع الطالب وتقوي روحه المعنوية ، وتترك في نفسه
أحسن الأثر ، مما يجعله يحب معلمه ومدرسته ، ويتفتح ذهنه للتدريس ، ويكون في نفس
الوقت مشجعاً لرفاقه أن يقتدوا به في ا>به وسلوكه واجتهاده لينالوا الثناء
والتشجيع من معلمهم فلذلك خير لهم من العقوبات المادية التي يتعرضون لها .
2- المكافآت المادية :
إن
الولد بطبيعته يحب المكافآت المادية ، ويحرص على اقتنائها ، ولذلك فعلى المعلم أن
يستجيب لهذه المحبة ، ويقدمها للطالب في المناسبات ، فالتلميذ المجتهد أو الخلوق
أو الذي يقوم بواجبه نحو ربه من صلاة وغيرها من الأعمال الخيرية والمدرسية ، ثم
يأخذ مكافأة مادية من معلمه سوف يجد نفسه مسروراً أمام رفاقه قد أشبع في نفسه
غريزة حب التملك ، ويستحسن للمعلم أن يضع للطالب علامة جيدة في سلوكه والمادة التي
أجاد فيها .
3- الدعـاء :
على
المعلم أن يشجع الطالب أو الأديب أو المصلي بالدعاء له قائلاً : وفقك الله ، أرجو
لك مستقبلاً باهراً ، وللطالب المقصر أو المسئ : أصلح الله وهداك .
4- لوحـة الشـرف :
من
المفيد جداً أن تكون في المدرسة لوحة شرف كبيرة توضع في مكان بارز ويسجل عليها
أسماء الطلبة حسب تميزهم على غيرهـم في السلوك ، أو الاجتهاد ، أو النظافة ، وغير
ذلك ، فيكون هذا الاعلان تشجيعاً للطالب على الاقتداء بهم ، حتى تسجل أسمائهم على
اللوحة.
5- الإستحسإن :
عند
صعود أحد الطلاب الصف لشرح درس أو إلقاء محفوظة ، أو حل مسألة ، أو تسميع سورة من
القرآن ، فعلى المعلم أن يربت على كتف الطالب إذا أحسن تشجيعاً له قائلاً بلاك
الله فيك .
6- الإعـداد :
إن
يعد المعلم واحداً من طلابه المجيدين ، وأن ينتسب إليهم وهذه مكافأة عظيمة ، فقد
قال صلى الله عليه وسلم : ( لولا الهجرة لكنت إمرءاً من الأنصار) .
7- التوصيـة :
يستطيع
المعلم أن يصحب ويرافق الطلاب الذين يريد مكافأتهم في ذهابه معهم إلى المسجد ، أو
إلى الرحلات المدرسية ، فالطلاب يعتزون بمرافقتهم لمعلمهم ويفرحون بذلك .
8- توصية أهل الطالب :
يستطيع
المعلم أن يكتب رسالة ويرسلها مع الطالب يذكر فيها محاسن الطالب ويثني عليه ، وفي
ذلك تشجيع لأسرة الطالب ليعاملوا ولدهم بالتي هي أحسن ، وهذا يشجع الطالب على
التقدم والسلوك الحسن ، وعلى المعلم أن يسأل عن أخلاق الطلاب وسلوكهم في البيت ،
ومحافظتهم على الصلاة في المسجد ، ويكلف الطلاب أن يأتوا بأوراق من أوليائهم وإمام
مسجده ، يثبتون فيها حسن سيرتهم وأدائهم للصلوات مع الجماعة .
10- مساعدة الفقراء :
على
المعلم أن يقوم بانتقاء عدد من الطلاب لجمع التبرعات للفقراء ، وأن يساهم معهم في
ذل بشئ من المال ليقتدى الطلاب به ، ويتم توزيع المال بإشراف المعلم والطلاب على
إخوانهم المحتاجين إلى الكساء أو الطعام ، أو الكتب ، أو الأدوات المدرسية ، وعلى
المعلم أن يشكر الطلاب المتبرعين أمام رفاقهم تشجيعاً لهم ولبقية الطلبة لكي
يتبرعوا وينالوا الأجر العظيم عند الله ، وأن الله سيخلف عليهم المال الذي أنفقوه
، ويذكر المعلم للطلاب قول الله تعالى : {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ
فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
ويمكن
للمعلم أو المدير أن يقدم من هذا الصندوق بعض المال ، لشراء بعض الهدايا إعطائها
للطالب المجتهد ، أو المطيع لأوامر المعلم والوالدين ، أو النظيف في ملبسه ، أو
سلوكه الحسن .
العقوبات
وأضرارها :
على
المعلم الناجح أن يجتنب العقوبات المادية ، وذلك لأنها خطر على الطالب وعلى المعلم
كذلك ، وإضاعة لوقته ، حيث إن الطالب قد يتضرر من ضرب المعلم له ، مما يسبب الوحشة
بينه وبين معلمه ، وقد يتطور الحال إلى تعرض المعلم للمسئولية أمام المفتش
والمحاكم الجزائية ، وولي الطالب المضروب ، مما يسئ إلى سمعته ومكانته ودوره في
خدمة امته ، ويندم المعلم عندئذٍ حين لا ينفعه الندم ، فيضطر إلى وضع الوسطاء لحل
مشكلته ، وقد لا تحل إلا بالمحاكم الجزائية ، فينال جزاء ما اقترفت يداه ، وكل هذا
سببه استعمال العقوبات المادية ، ولذلك فقد قرر المسئولون منع هذه العقوبات ، فوجب
الانتهاء عنها وتحاشي الوصول لاستخدامها ، إلا في حالة الضرورة القصوى كتأديب بعض
الطلاب المنحرفين الذين لا ينفع معهم غير ذلك ، أو لحفظ هيبة الدرس ونظامه بعد أن
يكون المعلم قد قدم النصائح والتوجيهات لهؤلاء الطلاب فلم يرتدعوا ، وذلك كما يقول
المثل العربي : (آخر الدواء الكي).
أضرار
العقوبات المادية :
1- عرقلة سير الدرس وتأخيره على الطلاب جميعاً .
2- انفعال المعلم والطالب أثناء العقوبة وتأثير
ذلك عليهما معاً .
3- احتمال
وقوع الضرر للطالب المضروب في وجهه أو عينه أو أذنه أو غير ذلك من الجوارح
والأعضاء .
4- قطع فهم الدرس على الطالب المعاقب .
5- قطع سلسلة أفكار المعلم حين العقوبة .
6- تعرض المعلم للمسئولية أمام المحاكم والأهالي
والمفتش .
7- ضياع الوقت على الطلاب وتأثرهم بما يجري في
الدرس .
8- فقد التبجيل والاحترام المتبادل بين الطالب
ومعلمه .
العقوبات
الممنوعة :
إذا
احتاج المعلم إلى العقوبة أحياناً فعليه أن يتجنب ما يلي :-
1- الضرب على الوجه :
وذلك
شائع بين المعلمين ، حيث يضربون الطالب على وجهه ، وربما أصاب أحدهم عينه أو أذنه
، وتعرض للمسئولية والمحاكمة ودفع الغرامة ، وكان سبباً في تعطيل أحد حواسه ،
ولذلك فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه فقال : (إذا ضرب أحدكم
خادمه فليتق الوجه) .
2- القسوة الشديدة :
المعلم
القاسي في ضربه يطلق عليه الطلاب اسماً قاسياً يقولون عنه (فلان معلم ظالم) وكفى
بهذا الاسم شراً ، فليس بعد الظلم والقوة إلا الندم ، فكم رأينا بعض الأساتذة
يعتذرون لأولياء الطلاب والمسئولين بعد إنزال العقوبة القاسية على طلابهم ، فالله
الله معاشر المعلمين في فلذات الأكباد ، أرفقوا بهم فإن الرفق كله خير .
قال
الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من يحرم الرفق يحرم ا لخير كله) ، وقال صلى الله
عليه وسلم : ( ما كان الرفق في شئ إلى زانه ، ولا نُزع من شئ إلا شأنه) .
3- الكلام السئ :
علـى
المعلم أن يجتنب ما يسئ إلى الطالب من ألفاظ نابية قد تسبب له نفوراً وانحرافاً ،
وربما كانت سبباً في انحرافه وميله للإجرام في المستقبل ، فالمعلم الذي يقول
للطالب ، خبيث ، ملعون ، مجرم .... ، وغيرها من الكلمات القاسية التي تجرح شعور
الطالب ، ويتعلمها بدوره ليقولها لرفيقه في المدرسة أو لأخيه في البيت ، وتكـون
المسئولية على ذلك المربي الذي سنّ لطلابه أن يتعلموا مثل هذا الكلام الذي لا يليق
بمعلم أن يتفوه به ، وفي الحديث الصحيح : ( من سنّ في الإسلام سنة سيئة فعليه
وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً) .
4- الضرب عند الغضب :
قال
أبـو مسعـود : كنت أضرب غلاماً لي بالسوط ، فسمعت صوتاً من خلفي "أعلم أبا
مسعود" فلم أفهم الصوت من الغضب ، قال ، فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فإذا هوي يقول "أعلم أبا مسعود " "أعلم أبا مسعود" قال : فألقيت السوط ممن يدي ، فقال : ( أعلم
أبا مسعود أن الله أقدر عليك من هذا الغلام ، فقلت : لا أضرب مملوكاً بعده أبداً)
.
5- الرفس بالرجل :
وقد
رأيت بعض المعلمين يرفسون بأرجلهم وتعالهم ، وربما أصاب ذلك الرفس محلاً خطيراً
أودى بحياة الطالب ، وتقع المسئولية ، ويندم حيث لا ينفع الندم ، مع العلم أن
الرفس ليس من شيعة الإنسان .
6- الغضب الشديد :
على
المعلم الناجح في درسه أن يملك أعصابه ، ويدرك مزايا الطفولة ليعذر الأطفال في
تصرفاتهم ، وليتذكر عمله حين كان طالباً في المدرسة ، فرما كان أشد سوء في تصرفاته
، فإذا تذكر المعلم ذلك خف غضبه ، وملك نفسه وكان شجاعاً حقاً ، فقد قال المربي
الكبير محمد صلى الله عليه وسلم : ( ليس الشديد بالصُرعة ، إنما الشديد الذي يملك
نفسه عند الغضب) .
وليحذر
المربي سواء كان معلماً أو أباً أن يعاقب عند الغضب ، لئلا يؤذي من يعاقبه ، وتكون
العاقبة السيئة ، وعلى المعلم أن يسجل أسماء المخالفين ليعاقبهـم آخر الدرس ، وإني
أعرف معلماً لحق بولده ليعاقبه في حالة الغضب فخاف الولد وهرب ، وقد عثر في هربه
فصدعت رجله ، وحُمل إلى المجبر ليداويه ، وندم الأب علـى عمله .
وقام
بعض المدرسين بمعاقبة أحد طلابه في حالة غضبه ، فجعل يسب ويشتم ويكفر والطلاب
ينظرون إليه باحتقار ، وإذا تكرر غضب المربي أمام طلابه ، وعلا صياحه ، وكثر هياجه
، أثر في نفوس طلابه وغُرست فيهم تلك العادة السيئة واقتدوا بمعلمهم في سلوكهم
وأعمالهم ، فأصبحوا يغضبون ، ويشتمون , ووو ... .
علاج
الغضب :
إذا
اعترى المربي فليسارع إلى الدواء الشافي الذي وصفه له الطبيب الخبير محمد صلى الله
عليه وسلم حيث قال :
أ- (إذا غضب أحدكم فقال : أعوذ بالله ، سكن غضبه
) .
ب- (وإذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه
الغضب والا فليضطجع )
ومعلوم
أن الغضب من الشيطان ، وعلى إنسان أن يستعيذ بالله منه لينصرف عنه وفي تغيير وضع
الغضبان من القيام إلى الجلوس فائدة عظيمة لصرف غضبه ، ولا سيما الوضوء ففيه
الأدوية المفيدة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق