وصايا
لقمان الحكيم لإبنه :
قال
الله تعالى : {وَإِذْ
قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ}
هذه
وصايا نافعة حكاها الله تعالى عن لقمان الحكيم :
1- {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ
لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
احذر
الشرك في عبادة اله ، كدعاء الأموات أو الغائبين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم
(الدعاء هو العبادة) .
ولما نزل قول الله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُواْ
وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ}
شق ذلك على المسلمين ، وقالوا : أينا لا يظلم نفسه
؟ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليس ذلك ، إنما هو الشرك ، ألم تسمعوا
قول لقمان لإبنه : يا بني لا تشرك بالله ، إن الشرك لظلم عظيم) .
2- {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ
أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي
وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} .
ثم قرن وصيته إياه بعبادة الله وحده البر
بالوالدين لعظم حقهما ، فالأم حملت ولدها بمشقة ، والأب تكفل بالإنفاق ، فاستحقا
من الولد الشكر لله ولوالديه .
3- {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى
أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا
فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ
مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}
قال
ابن كثير ( أي أن حرصا عليك كل الحرص أن تتبعهما على دينهما ، فلا تقبل منهما ذلك
، ولا يمنع ذلك من أن تصاحبهما في الدنيا معروفاً أي محسناً اليهما ، واتبع سبيل
المؤمنين) .
أقول
يؤيد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لأحد في معصية الله ، إنما
الطاعة في المعروف) .
4- {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا
إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي
السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ
خَبِيرٌ}
.
قال
ابن كثير : أي إن المظلمة أو الخطيئة لو كانت مثقال حبة خردل أحضرها الله تعالى
يوم القيامة حين يضع الموازين القسط ، وجازى عليها إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر.
5- {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ} : أدها بأركانها
وواجباتها بخشوع .
6- {وَأْمُرْ
بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ}
: بلطف ولين بدون شدة .
7- {وَاصْبِرْ
عَلَى مَا أَصَابَكَ} : علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن
المنكر سيناله أذى فأمره بالصبر ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن الذي
يخالط الناس ويصبر على أذاهم ، أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على
أذاهم) .
8- {إِنَّ
ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} : أي إن الصبر على الناس لمن عزم
الأمور .
9- {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ
لِلنَّاسِ} : قال ابن كثير : لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم
احتقاراً منك لهم ، واستكباراً عليهم ، ولكن ألن جانبك وأبسط وجهك إليهم ، قال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة) .
10- {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ
مَرَحاً} : أي خيلاء متكبراً
جباراً عنيداً ، لا تفعل ذلك يبغضك الله ، ولهذا قال الله تعالى : {إِنَّ
اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}
أي مختال معجب في
نفسه ، فخور على غيره .
11- {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ}
: أي أمش مشياً مقتصداً ، ليس بالبطئ المتثبط ، ولا بالسريع المفرط ، بل عدلاً
وسطاً بين بين .
12- {وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَِ}
: أي لا تبالغ في الكلام ، ولا ترفع صوتك
فيما لا فائدة فيه ، ولهذا قال تعالى : {إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ
لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} .
قال مجاهد : إن أقبح الأصوات لصوت الحمير :
أي غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علوه ورفعه ، ومع هذا هو بغيض إلى الله ،
وهذا التشبيه بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( ليس لنا مثل السوء ، العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه) .
(إذا سمعتم أصوات الديكة فسلوا الله من
فضله ، فإنها رأت ملكاً ، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان ،
فإنها رأت شيطاناً) .
من هداية الآية
1- مشروعية وصية
الوالد لابنه بما ينفعه في الدنيا والآخرة .
2- البدء بالتوحيد
والتحذير من الشرك لأنه ظلم يحبط الأعمال .
3- وجوب الشكر لله ،
وللوالدين ، ووجوب برهما وصلتهما .
4- لا طاعة لمخلوق في
معصية الخالق إنما الطاعة في المعروف .
5- وجوب إتباع سبيل
المؤمنين الموحدين ، وتحريم إتباع المبتدعين .
6- مراقبة الله تعالى في السر والعلن ، وعدم
الاستخفاف بالحسنة والسيئة مهما قلت أو صغرت .
7- وجوب إقام الصلاة
بأركانها وواجباتها والاطمئنان فيها .
8- وجوب الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر باللطف حسب استطاعته .
قال صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم
منكراً فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف
الإيمان) .
9- الصبر على ما يلحق
الآمر والناهي من أذى ، وأنه من عزم الأمور .
10- تحريم التكبر
والاختيال في المشي .
11- الاعتدال في المشي
مطلوب ، فلا يُسرع ولا يُبطئ .
12- عدم رفع الصوت زيادة عن الحاجة ، لأنه من عادة
الحمير .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق