أيها
الأخوة ، لكن أريد أن أضع بين أيديكم هذه الحقيقة التي طالما ذكرتها في جميع
الدروس ، طالما آمن بها كل شيء في كياني : أنه لا يمكن أن يكون النجاح جزئياً نجاح جزئي لا يوجد ، لا يسمى النجاح نجاحاً
إلا إذا كان شمولياً .
أي إنسان
برع في كسب المال ، وأولاده شردوا عن منهج الله ، ليس ناجحاً في حياته ، إنسان ذهب
إلى بلد بعيد ، وجاء بأموال طائلة على حساب تربية أولاده ليس هذا نجاحاً ، هذه
الفكرة أرددها كثيراً : لا يمكن أن يكون النجاح جزئياً ، لا يسمى النجاح نجاحاً
إلا إذا كان شمولياً .
طبعاً
بالنسبة إليك أربعة نجاحات في محطات كبيرة ، أول نجاح ، وأكبر نجاح ، وأعظم نجاح ،
والنجاح الأول والأطول أمداً نجاحك في معرفة الله .
(( ابن آدم
اطلبني تجدني فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء وأنا أحبك إليك من كل
شيء )) .
[ ورد في الأثر ] .
دقق :
المرأة أحياناً نجاحها الأول والأخير أن ترزق بزوج صالح ، نقول الزواج في حق
المرأة كل فصول حياتها ، لكن في حق الرجل بعض فصول حياته ، في عمله ، في دراساته ،
الآن كل أنواع النجاح تعد نجاحاً ، إلا أن النجاح الأول الذي هو أصل كل نجاح أن
تعرف الله .
تصور
بيتاً ، فيه براد ، ثلاجة ، غسالة ، مكيف
، مروحة ، فيه جميع الأجهزة من دون استثناء ، لكن لا يوجد فيه كهرباء ، كل هذه
الأجهزة لا قيمة لها .
كأن معرفة
الله واحد ، الزواج صفر ، معرفة الله مع الزواج عشرة ، معرفة الله مع الأولاد مئة
، معرفة الأولاد مع النجاح بالعمل ألف ، اسحب هذا الواحد ما بقي إلا أصفار صفر ،
لذلك الآية الدقيقة الدقيقة :
﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ
سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ
صُنْعاً ﴾ .
( سورة الكهف ) .
إذاً أول
نقطة في هذا اللقاء الطيب : إذا آمنت باليوم الآخر إيماناً حقيقياً لأنه :
﴿ وَإِنَّ
الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ ﴾ .
( سورة المؤمنون ) .
سآتيكم
بآية دقيقة جداً في هذا الموضوع ، أرأيت إلى هؤلاء الناس ؟ لا في بلدنا في العالم
العربي ، بل في العالم الإسلامي ، بل في القارات الخمس ، أرأيت إلى ستة آلاف مليون
؟ كم تقسيم أرضي لهم ؟ الآن في دول الشمال ودول الجنوب ، دول الشمال 20% من سكان
الأرض ، ويملكون 80% من ثروات الأرض ، ودول الجنوب 80% من دول الأرض يملكون 20% من
ثروات الأرض ، دول الشمال ودول الجنوب ، العرق الأصفر ، العرق الأبيض ، العرق
الأسمر ، الآريون ، والساميون ، الأغنياء والفقراء ، الأقوياء والضعفاء ،
المستغِلون والمستَغلون ، هناك تقسيمات لا تعد ولا تحصى ، كل هذه التقسيمات عند
الله باطلة ، عند الله تقسيمان اثنان .
1 ـ الإنسان
الذي عرف الله فانضبط بمنهجه و سعد :
بالدليل :
التقسيم الأول الإنسان الذي عرف الله ، فانضبط بمنهجه ، وأحسن إلى خلقه ، فسلم ،
وسعد في الدنيا والآخرة .
2 ـ
الإنسان الذي غفل عن الله وتفلت من منهجه وشقي :
الإنسان
الذي غفل عن الله وتفلت من منهجه وأساء
إلى خلقه فهلك وشقي في الدنيا والآخرة .
لن تجد
نموذجاً ثالثاً في القرآن ، دقق :
﴿ فَأَمَّا
مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾ .
( سورة الليل ) .
لحكمة
بالغة الترتيب معكوس ، ﴿ وَصَدَّقَ
بِالْحُسْنَى ﴾ أي بالجنة .
﴿ لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا الْحُسْنَى ﴾ .
( سورة يونس الآية : 26 ) .
الجنة
يعني ، صدق أنه مخلوق للجنة ، يبنى على هذا التصديق اتقى أن يعصي الله ، استقام ،
يبنى على هذه الاستقامة بنى حياته على العطاء ، ثلاث كلمات ، صدق أنه مخلوق للجنة
اتقى أن يعصي الله ، بنى حياته على العطاء ، النموذج الآخر :
﴿ وَأَمَّا
مَنْ بَخِلَ ﴾ .
( سورة الليل الآية : 8 ) .
بنى حياته
على الأخذ ، لأنه استغنى عن طاعة الله ، ولأنه كذب بالجنة نموذجين ، صدق بالحسنى ، اتقى أن يعصي الله ،
بنى حياته على العطاء ، كذب بالحسنى استغنى عن طاعة الله ، بنى حياته على الأخذ .
لذلك
البشر جميعاً إما أن يكونوا مع الأقوياء ، أو مع الأنبياء ، الأنبياء ملكوا القلوب
، الأقوياء ملكوا الرقاب ، الأنبياء أعطوا ولم يأخذوا ، الأقوياء أخذوا ولم
يعطوا الأنبياء عاشوا للناس ، الأقوياء
عاش الناس لهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق