الاثنين، 3 سبتمبر 2012

الأولاد زينة الحياة


أعظم كسب الرجل تربية أولاده تربية صالحة 

أيها الأب : أيها أيتها الأم : إن رأيتِ ، أو إن أردت حالة نفسية لا توصف من شدة ما فيها من سعادة هي قرة العين ، الآية الكريمة : ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً ﴾ ، هذا العمل العظيم تربية الأولاد جزاؤه في الدنيا قبل الآخرة ، في الآخرة جزاء عظيم ما جزاؤه ؟

﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ﴾ .
( سورة الطور الآية : 21 ) .
يعني أعمال ذريتهم ألحقناها بهم ، إن ربيت ولداً صالحاً كل أعماله الصالحة في صحيفتك ، الآن كل أعمال أولاده في صحيفتك ، كل أعمال أولاد أولاده في صحيفتك ، كل أعمال ذريته إلى يوم القيامة في صحيفتك ، لذلك :
(( أفضل كسب الرجل ولده )) .
[أخرجه الطبراني عن أبو بردة بن نيار ] .
أعظم أنواع الكسب أن تعتني بابنٍ يكون صالحاً من بعدك .

 الإنسان بالاستقامة يسلم وبالعمل الصالح يسعد وبتربية أولاده يستمر وجوده :

ذكرت لكم من قبل أن الإنسان مفطور على حبّ وجوده ، وعلى حبّ سلامة وجوده ، وعلى حبّ كمال وجوده ، وعلى حبّ استمرار وجوده ، سلامة وجودك بطاعة الله والطاعة دائماً في الأعم الأغلب سلبية ، أنا ما كذبت ، ما ، أنا ما اغتبت ، أنا ما قصرت الاستقامة طابعها سلبي ، تحقق السلامة ، ولكن العمل الصالح طابعه إيجابي ، يحقق السعادة  الاستقامة تبدأ بما ، أما العمل الصالح يبدأ ، ببذلت ، أعطيت ، ضحيت ، خدمت ، أنفقت  دللت ، أنت بالاستقامة تسلم ، وبالعمل الصالح تسعد ، وبتربية الأولاد يستمر وجودك .
والله مرة توفي عالم جليل ، وفي آخر أيام التعزية وقف ابنه وخطب خطبة رائعة فتأثرت تأثراً بالغاً وقلت : إذاً لم يمت ! ما دام ربى ابنه ليكون على شاكلته ، يكون داعية إلى الله إذاً لم يمت !.
أنت بالاستقامة تسلم ، وبالعمل الصالح تسعد ، وبتربية أولادك يستمر وجودك  لذلك في الحديث الشريف :
(( إن أولادَكُم مِنْ أطْيَبِ كَسْبِكُم )) .
[ أخرجه أبو داود.عن عبد الله بن عمرو بن العاص ] .
لكن يحتاج إلى وقت ، يحتاج أن يكون ابنك معك ، أن تلزم ولدك ، أن توجهه  ، العمل الذي يمتص كل وقتك هو خسارة ، ألغى أبوتك ، ألغى تربيتك لأولادك ، ألغى توجيهك لهم .


 أعظم عمل تقوم به أن تربي ابنك تربية إيمانية أخلاقية

أكدت لكم كثيراً أن النجاح في الحياة لا يمكن أن يكون جزيئاً ، لا تعدّ ناجحاً في الحياة إذا حصّلت دخلاً كبيراً ، وأهملت أولادك ، لا تعدّ ناجحاً في الحياة إذا حصلت دخلاً كبيراً وأهملت عملك ، لا تعدّ ناجحاً إذا اعتنيت بأولادك وقصرت مع ربك ، النجاح في الحياة لابد من أن يكون شمولياً ، أن تنجح في علاقتك مع الله ، وعلاقتك مع زوجتك وأولادك  ، وعلاقتك مع عملك ، وعلاقتك مع صحتك .
(( إن أولادَكُم مِنْ أطْيَبِ كَسْبِكُم )) .
[ أخرجه أبو داود.عن عبد الله بن عمرو بن العاص ] .
والله لا أبالغ ، أعظم عمل تقوم به أن تربي ابنك تربية إيمانية أخلاقية ، علمية  نفسية ، اجتماعية ، جسمية ، أن تربي ابنك هذه التربية إذاً هو قرة عينك .
والله مرة قلت لأب ابنه عندنا في المسجد لكن صالح جداً ، متفوق في دراسته ، أخلاقه عالية ، ويتابع القرآن الكريم وطلب العلم ، قلت له : والله هذا الابن بالمقياس المادي يسوى مئة مليار دولار ، لو معك مئة مليار هذا الابن أغنى من هذا المبلغ ، ولو كنت في الكفاف ، وعندك هذا الابن ما خسرت شيئاً .

 تربية أولادنا فرض عين علينا :

إذاً ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ ، إله عظيم يقول :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ .
( سورة التحريم الآية : 6 ) .
تربية الأولاد بحسب هذه الآية فرض عين ، ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ ، ورد في بعض الآثار : أن البنت التي لا يربيها أبوها ، قد تتفلت ، وقد تستحق النار يوم القيامة ، تقف هذه البنت أمام رب العزة ، تقول له : يا رب لا أدخل النار حتى أدخل أبي قبلي ، لأنه كان سبب شقائي .
فبين أن ترقى إلى أعلى عليين ، وبين أن يسقط الإنسان في أسفل سافلين بتربية أولاده .

ينبغي على كل إنسان أن يعتني بتربية أولاده بشرط ألا ينسى استقامته و إيمانه :

أيها الأخوة ، ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ﴾ ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ ، وبالمقابل :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ .
( سورة المنافقون الآية : 9 ) .
هذه الآية تؤكد المعنى الشمولي ، ﴿ لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ ، ينبغي أن تربي أولادك ، الله عز وجل يوصيك بهم ، وينبغي أن تعتني بإيمانك واستقامتك  وعملك الصالح .

 من أهمل دين ابنه و عقيدته كأنه قتله :

نحن إذا ذكرنا كلمة قتل يقفز إلى أذهاننا هو الذبح ، لا ، قال تعالى :

﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ .
( سورة البقرة الآية : 191 ) .
هذه البنت البريئة التي وئدت في الجاهلية ، ما مصيرها ؟ إلى الجنة ، مع أنها وئدت ، والله عز وجل يقول :
﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ .
( سورة التكوير ) .
واستناداً إلى قوله تعالى : ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ معنى ذلك إن لم تربِ ابنتك ، وتفلتت ، وعرضت مفاتنها ، ولم تكن منضبطة بمنهج الله ، أنت بهذا قتلتها     والدليل : ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ ، لذلك الآية الكريمة :

﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ ﴾ .
( سورة الأنعام الآية : 151 ) .
الإملاق هو الفقر ، قد نفهم هذه الآية بالمعنى الواسع ، يعني من أجل تأمين دخل كبير لا تهتم بدينه ، لا تهتم بعقيدته ، قد ترسله إلى بلد يعود كافراً بدينه و بأمته ، من أجل أن يحصّل دخلاً كبيراً ، وهذا مزلق خطير يقع به الآباء من أجل دنيا أبنائهم ، قد يكون محل فيه فتنة ، فيه فساد ، فيه اختلاط ، فيه انحراف ، في بلد بعيد ، قد يأتي وقد ارتكب الفواحش ترى الأب لا يهتم بدين ابنه ، كما يهتم بدخله وعمله ، هذا مزلق خطير في حياة المسلمين ، قد يفهم هذا المعنى من قوله تعالى : ﴿ وَلا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ ﴾ ، لأن : ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ ، فأنت حينما تهمل دينه ، وعقيدته ، وتهمل استقامته ، ولا يعنيك طهارته ، أو انحرافه كأنك قتلته ، ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ .

 الابن هدية من الله فينبغي أن نعتني بها :

أيها الأخوة ، شيء آخر :
(( إن أولادكم هبة الله لكم )) .
[أخرجه الحاكم عن عائشة رضي الله تعالى عنها ] .
هبة الله ثمينة جداً ، أنا والله في الثلاثين عام الماضية ، ما أفتيت بإسقاط ، ولو كان ضمن الأربعين يوماً ، أقول هذا هدية من الله ، قد يكون هذا الابن مصلحاً كبيراً ، أو داعية كبيراً ، أو عالماً جليلاً ، الابن هدية من الله ، والهدية ينبغي أن يُعتنى بها .
(( إن أولادكم هبة الله لكم )) .
الدليل :

﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾ .
( سورة الأنعام الآية : 84 ) .

﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى ﴾ .
( سورة الأنبياء الآية : 90 ) .

﴿ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ﴾ .
( سورة ص الآية : 30 ) .
الهبة فضل من الله عز وجل ، إذا أب عنده ابن صالح ، يقول لك : والله ما اعتنيت به كثيراً ، لكن هو صالح ، هو صاحب دين ، اسجد لله ، واشكر الله عز وجل أن وهب لك ولداً صالحاً ، فكم من إنسان منضبط ، وعالم ، وعامل ، ومتفوق ، له ابن ليس كما يريد ، ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ ﴾ هذا معنى آخر ، أي إذا ابنك صالح جداً لا تنسب صلاحه إليك  انسب صلاحه إلى أن الله عز وجل تفضل عليك ، بهذا الابن الصالح .

 الابن الصالح يغمر قلب والديه بسعادة لا توصف :

والله أيها الأخوة ، لا أبالغ ما من شعور يغمر قلب الأب والأم لدرجة أنهما يسعدان بهذا الشعور كأن يرى الأب أو الأم ابنهما صالحاً .
والله امرأة في لوس أنجلوس كان في مؤتمر إسلامي كبير ألقيت كلمة ، ولما انتهت كلمتي اقتربت مني امرأة محجبة ، قالت لي : أنا أخت فلان ، فلان صديقي في الشام  قلت : أهلاً وسهلاً ، فإذا هي تنفجر بالبكاء ، قلت : خير إن شاء الله ؟! قالت : ابنتي راقصة  و ابني ملحد .
لذلك قد تجد في بلاد الغرب رخاء ، ودخلاً فلكياً ، وبلاداً جميلة ، لكن تخسر شيئاً واحداً ، تخسر أولادك .
أيها الأخوة ، النبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(( أَكْرِمُوا أَوْلادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ )) .
[ أخرجه ابن ماجه عن أنس بن مالك ] .
أيعقل أن ينزل النبي من على المنبر وهو يخطب ليحمل الحسن والحسين ، ويتابع الخطبة ؟ أيعقل أن النبي في أثناء السجود يرتحل الحسن ظهر النبي ، فيطيل السجود إكراماً له ؟ كان إذا دخل بيته بساماً ضحاكاً ، كان يقول :
(( أَكْرِمُوا أَوْلادَكُمْ وَأَحْسِنُوا أَدَبَهُمْ )) .
[ أخرجه ابن ماجه عن أنس بن مالك ] .
((  من كان له صبي فليتصابَ له )) .
[ من الجامع الصغير : عن " أبي معاوية " ]
سيد العالمين ، سيد المرسلين ، في البيت يلاعب أحفاده ، يمتطون ظهره ، هل رأيت أباً كهذا الأب ؟ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ضيوف الموقع

Free counters!