الخميس، 23 أغسطس 2012

المكافآت والعقوبات



المعلم الناجح لا يلجأ إلى العقوبات المادية إلا قليلا ، وبقدر ما تقتضيه الضرورة ، فهو دائماً يقدم المكافآت على العقوبات ، لأنها تشجع الطالب على التعليم وطلب المزيد من التربية والتعليم ، بعكس العقوبات فإنها تترك أثراً سيئاً  في نفس الطالب ، مما يحول بينه وبين الفهم والعلم ، ويقتل في نفسه روح المثابرة والتقدم ، وكثيراً من الطلاب يتركون المدرسة من أجل ما يرونه من بعض المعلمين من أنواع القوة والظلم ولقد اعتاد الطلاب أن ينعتوا المعلم القاسي بالظالم . ولنبدأ بالمكافآت وأنواعها قبل العقوبات لأنها الأصل ، وهي المقدمة دائماً .
1-   الثناء الجميل :
       على المعلم الناجح أن يثني على الطالب إذا رأى منه أي بادرة حسنة في سلوكه ، أو في اجتهاده ، فيقول للطالب الذي أحسن الجواب : أحسنت ، بارك الله فيك أو نِعم الطالب فلان ، فمثل هذه الكلمات اللطيفة تشجع الطالب وتقوي روحه المعنوية ، وتترك في نفسه أحسن الأثر ، مما يجعله يحب معلمه ومدرسته ، ويتفتح ذهنه للتدريس ، ويكون في نفس الوقت مشجعاً لرفاقه أن يقتدوا به في ا>به وسلوكه واجتهاده لينالوا الثناء والتشجيع من معلمهم فلذلك خير لهم من العقوبات المادية التي يتعرضون لها .

2-   المكافآت المادية :
       إن الولد بطبيعته يحب المكافآت المادية ، ويحرص على اقتنائها ، ولذلك فعلى المعلم أن يستجيب لهذه المحبة ، ويقدمها للطالب في المناسبات ، فالتلميذ المجتهد أو الخلوق أو الذي يقوم بواجبه نحو ربه من صلاة وغيرها من الأعمال الخيرية والمدرسية ، ثم يأخذ مكافأة مادية من معلمه سوف يجد نفسه مسروراً أمام رفاقه قد أشبع في نفسه غريزة حب التملك ، ويستحسن للمعلم أن يضع للطالب علامة جيدة في سلوكه والمادة التي أجاد فيها .
3-   الدعـاء :
       على المعلم أن يشجع الطالب أو الأديب أو المصلي بالدعاء له قائلاً : وفقك الله ، أرجو لك مستقبلاً باهراً ، وللطالب المقصر أو المسئ : أصلح الله وهداك .
4-   لوحـة الشـرف :
       من المفيد جداً أن تكون في المدرسة لوحة شرف كبيرة توضع في مكان بارز ويسجل عليها أسماء الطلبة حسب تميزهم على غيرهـم في السلوك ، أو الاجتهاد ، أو النظافة ، وغير ذلك ، فيكون هذا الاعلان تشجيعاً للطالب على الاقتداء بهم ، حتى تسجل أسمائهم على اللوحة.
5-   الإستحسإن :
       عند صعود أحد الطلاب الصف لشرح درس أو إلقاء محفوظة ، أو حل مسألة ، أو تسميع سورة من القرآن ، فعلى المعلم أن يربت على كتف الطالب إذا أحسن تشجيعاً له قائلاً بلاك الله فيك .
6-   الإعـداد :
       إن يعد المعلم واحداً من طلابه المجيدين ، وأن ينتسب إليهم وهذه مكافأة عظيمة ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لولا الهجرة لكنت إمرءاً من الأنصار) .
7-   التوصيـة :
       يستطيع المعلم أن يصحب ويرافق الطلاب الذين يريد مكافأتهم في ذهابه معهم إلى المسجد ، أو إلى الرحلات المدرسية ، فالطلاب يعتزون بمرافقتهم لمعلمهم ويفرحون بذلك .
8-   توصية أهل الطالب :
       يستطيع المعلم أن يكتب رسالة ويرسلها مع الطالب يذكر فيها محاسن الطالب ويثني عليه ، وفي ذلك تشجيع لأسرة الطالب ليعاملوا ولدهم بالتي هي أحسن ، وهذا يشجع الطالب على التقدم والسلوك الحسن ، وعلى المعلم أن يسأل عن أخلاق الطلاب وسلوكهم في البيت ، ومحافظتهم على الصلاة في المسجد ، ويكلف الطلاب أن يأتوا بأوراق من أوليائهم وإمام مسجده ، يثبتون فيها حسن سيرتهم وأدائهم للصلوات مع الجماعة .
10-  مساعدة الفقراء :
       على المعلم أن يقوم بانتقاء عدد من الطلاب لجمع التبرعات للفقراء ، وأن يساهم معهم في ذل بشئ من المال ليقتدى الطلاب به ، ويتم توزيع المال بإشراف المعلم والطلاب على إخوانهم المحتاجين إلى الكساء أو الطعام ، أو الكتب ، أو الأدوات المدرسية ، وعلى المعلم أن يشكر الطلاب المتبرعين أمام رفاقهم تشجيعاً لهم ولبقية الطلبة لكي يتبرعوا وينالوا الأجر العظيم عند الله ، وأن الله سيخلف عليهم المال الذي أنفقوه ، ويذكر المعلم للطلاب قول الله تعالى : {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}.
       ويمكن للمعلم أو المدير أن يقدم من هذا الصندوق بعض المال ، لشراء بعض الهدايا إعطائها للطالب المجتهد ، أو المطيع لأوامر المعلم والوالدين ، أو النظيف في ملبسه ، أو سلوكه الحسن .

العقوبات وأضرارها :
على المعلم الناجح أن يجتنب العقوبات المادية ، وذلك لأنها خطر على الطالب وعلى المعلم كذلك ، وإضاعة لوقته ، حيث إن الطالب قد يتضرر من ضرب المعلم له ، مما يسبب الوحشة بينه وبين معلمه ، وقد يتطور الحال إلى تعرض المعلم للمسئولية أمام المفتش والمحاكم الجزائية ، وولي الطالب المضروب ، مما يسئ إلى سمعته ومكانته ودوره في خدمة امته ، ويندم المعلم عندئذٍ حين لا ينفعه الندم ، فيضطر إلى وضع الوسطاء لحل مشكلته ، وقد لا تحل إلا بالمحاكم الجزائية ، فينال جزاء ما اقترفت يداه ، وكل هذا سببه استعمال العقوبات المادية ، ولذلك فقد قرر المسئولون منع هذه العقوبات ، فوجب الانتهاء عنها وتحاشي الوصول لاستخدامها ، إلا في حالة الضرورة القصوى كتأديب بعض الطلاب المنحرفين الذين لا ينفع معهم غير ذلك ، أو لحفظ هيبة الدرس ونظامه بعد أن يكون المعلم قد قدم النصائح والتوجيهات لهؤلاء الطلاب فلم يرتدعوا ، وذلك كما يقول المثل العربي : (آخر الدواء الكي).

أضرار العقوبات المادية :
1-   عرقلة سير الدرس وتأخيره على الطلاب جميعاً .
2-   انفعال المعلم والطالب أثناء العقوبة وتأثير ذلك عليهما معاً .
3-    احتمال وقوع الضرر للطالب المضروب في وجهه أو عينه أو أذنه أو غير ذلك من الجوارح والأعضاء .
4-   قطع فهم الدرس على الطالب المعاقب .
5-   قطع سلسلة أفكار المعلم حين العقوبة .
6-   تعرض المعلم للمسئولية أمام المحاكم والأهالي والمفتش .
7-   ضياع الوقت على الطلاب وتأثرهم بما يجري في الدرس .
8-   فقد التبجيل والاحترام المتبادل بين الطالب ومعلمه .

العقوبات الممنوعة :
إذا احتاج المعلم إلى العقوبة أحياناً فعليه أن يتجنب ما يلي :-
1-   الضرب على الوجه :
       وذلك شائع بين المعلمين ، حيث يضربون الطالب على وجهه ، وربما أصاب أحدهم عينه أو أذنه ، وتعرض للمسئولية والمحاكمة ودفع الغرامة ، وكان سبباً في تعطيل أحد حواسه ، ولذلك فقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه فقال : (إذا ضرب أحدكم خادمه فليتق الوجه) .
2-   القسوة الشديدة :
       المعلم القاسي في ضربه يطلق عليه الطلاب اسماً قاسياً يقولون عنه (فلان معلم ظالم) وكفى بهذا الاسم شراً ، فليس بعد الظلم والقوة إلا الندم ، فكم رأينا بعض الأساتذة يعتذرون لأولياء الطلاب والمسئولين بعد إنزال العقوبة القاسية على طلابهم ، فالله الله معاشر المعلمين في فلذات الأكباد ، أرفقوا بهم فإن الرفق كله خير .
       قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من يحرم الرفق يحرم ا لخير كله) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما كان الرفق في شئ إلى زانه ، ولا نُزع من شئ إلا شأنه) .
3-   الكلام السئ :
       علـى المعلم أن يجتنب ما يسئ إلى الطالب من ألفاظ نابية قد تسبب له نفوراً وانحرافاً ، وربما كانت سبباً في انحرافه وميله للإجرام في المستقبل ، فالمعلم الذي يقول للطالب ، خبيث ، ملعون ، مجرم .... ، وغيرها من الكلمات القاسية التي تجرح شعور الطالب ، ويتعلمها بدوره ليقولها لرفيقه في المدرسة أو لأخيه في البيت ، وتكـون المسئولية على ذلك المربي الذي سنّ لطلابه أن يتعلموا مثل هذا الكلام الذي لا يليق بمعلم أن يتفوه به ، وفي الحديث الصحيح : ( من سنّ في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئاً) .
4-   الضرب عند الغضب :
       قال أبـو مسعـود : كنت أضرب غلاماً لي بالسوط ، فسمعت صوتاً من خلفي "أعلم أبا مسعود" فلم أفهم الصوت من الغضب ، قال ، فلما دنا مني إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا هوي يقول "أعلم أبا مسعود " "أعلم أبا مسعود"  قال : فألقيت السوط ممن يدي ، فقال : ( أعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك من هذا الغلام ، فقلت : لا أضرب مملوكاً بعده أبداً) .
5-   الرفس بالرجل :
       وقد رأيت بعض المعلمين يرفسون بأرجلهم وتعالهم ، وربما أصاب ذلك الرفس محلاً خطيراً أودى بحياة الطالب ، وتقع المسئولية ، ويندم حيث لا ينفع الندم ، مع العلم أن الرفس ليس من شيعة الإنسان .
6-   الغضب الشديد :
       على المعلم الناجح في درسه أن يملك أعصابه ، ويدرك مزايا الطفولة ليعذر الأطفال في تصرفاتهم ، وليتذكر عمله حين كان طالباً في المدرسة ، فرما كان أشد سوء في تصرفاته ، فإذا تذكر المعلم ذلك خف غضبه ، وملك نفسه وكان شجاعاً حقاً ، فقد قال المربي الكبير محمد صلى الله عليه وسلم : ( ليس الشديد بالصُرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) .
       وليحذر المربي سواء كان معلماً أو أباً أن يعاقب عند الغضب ، لئلا يؤذي من يعاقبه ، وتكون العاقبة السيئة ، وعلى المعلم أن يسجل أسماء المخالفين ليعاقبهـم آخر الدرس ، وإني أعرف معلماً لحق بولده ليعاقبه في حالة الغضب فخاف الولد وهرب ، وقد عثر في هربه فصدعت رجله ، وحُمل إلى المجبر ليداويه ، وندم الأب علـى عمله .
       وقام بعض المدرسين بمعاقبة أحد طلابه في حالة غضبه ، فجعل يسب ويشتم ويكفر والطلاب ينظرون إليه باحتقار ، وإذا تكرر غضب المربي أمام طلابه ، وعلا صياحه ، وكثر هياجه ، أثر في نفوس طلابه وغُرست فيهم تلك العادة السيئة واقتدوا بمعلمهم في سلوكهم وأعمالهم ، فأصبحوا يغضبون ، ويشتمون , ووو ... .

علاج الغضب :
إذا اعترى المربي فليسارع إلى الدواء الشافي الذي وصفه له الطبيب الخبير محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال :
أ-    (إذا غضب أحدكم فقال : أعوذ بالله ، سكن غضبه ) .
ب-   (وإذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس ، فإن ذهب عنه الغضب والا فليضطجع )
       ومعلوم أن الغضب من الشيطان ، وعلى إنسان أن يستعيذ بالله منه لينصرف عنه وفي تغيير وضع الغضبان من القيام إلى الجلوس فائدة عظيمة لصرف غضبه ، ولا سيما الوضوء ففيه الأدوية المفيدة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ضيوف الموقع

Free counters!